يُعدّ علم المخطوطات من أشرف العلوم التي خَدَمت التراث الإسلامي وأسهمت في حفظ ذخائر الأمة العلمية والفكرية عبر القرون. فقد خلّف لنا العلماء تراثًا ضخمًا في شتى الفنون، لم يصلنا إلا عبر مخطوطات نسخها الكُتّاب والنُسّاخ، وتداولتها الأيدي، وتفاوتت في دقتها وصحتها، مما جعل الحاجة ماسّة إلى علمٍ يُعنى بتحقيق هذه النصوص، وتوثيقها، وتنقيحها، وردّها إلى أقرب صورة أرادها مؤلفوها. يقوم علم التحقيق على قواعد دقيقة، تهدف إلى فحص النُّسَخ، ومقارنة رواياتها، وبيان الصحيح من السقيم، وتقديم النصوص للقارئ والباحث في صورة علمية موثقة، تجمع بين الأصالة والدقة. وهو بذلك لا يحفظ التراث فحسب، بل يُحيي العقل العلمي، ويربط الأمة بميراثها الثقافي، ويُعين الباحثين على استثمار كنوز العلماء الأوائل في معالجة قضايا العصر،  وقد ازداد الاهتمام بهذا الفن في العصر الحديث، فظهرت له قواعد وضوابط، وتنوعت مدارسه ومناهجه، وأصبح من الضروري لكل طالب علم أو باحث في التراث أن يُلمّ بأساسياته، ويتقن خطواته، وهو ما تهدف هذه الصفحات إلى عرضه بأسلوب ميسّر، وتطبيق عملي منهجي.

      في البداية ينبغي للمحقق أن يختار مخطوطًا يستحق الجهد، ويُراعى في ذلك عدة أمور :

- أن يكون المخطوط نافعًا ولم يُحقق من قبل.
- أن يكون له قيمة علمية في بابه
- توفر نسخ خطية يمكن الوصول إليها.
- القدرة على قراءة نوع الخط وفهم المصطلحات.
نصيحة: لا تختَر مخطوطًا معقدًا في أول تجربة لك، وابدأ بما يسهل قراءته وفهمه. عليك.